~[ عدد المشاركات [~ : 639 ~[ تاريخ الميلاد [~ : 19/12/1989 ~[ تاريخ التسجيل [~ : 29/10/2011 ~[ العمر[~ : 34
موضوع: دلائل حب الإنسان لله تعالي الإثنين فبراير 20, 2012 12:00 pm
إذا أردنا أن نختبر أنفسنا في معرفة مدي حبّنا لله عزّوجلّ، فثمة دلائل وإشارات وأسئلة، تتبيّن من خلال طرحها بصراحة الإجابة عنها بصدق علي مستوي هذا الحبّ، ومن ذلك:
- إستصغار الطّاعة وإستعظام الذّنب: سأل أعرابيّ الإمام عليّ (ع) عن درجات المُحبِّين، فقال (ع):«أدني درجاتهم مَنِ استصغرَ طاعته وإستعظمَ ذنبه، وهو يظنّ أن ليس في الدّارينِ مأخوذٌ غيره. فغشي علي الأعرابيّ (غاب عن الوعي)، فلمّا أفاق، قال: هل درجة أعلي منها؟ قال: نعم، سبعون درجة»!! إنّ (استصغار الطّاعة) و(استعظام الذّنب) کفيلان بإصلاح حال المُحبّ ورفع درجته عند الله. بل أنّ بعض المُحبِّين يطلبون إلي الله تعالي أن يُنسيهم حسناتهم وأعمالهم الصّالحه، حتّي لا يشعروا بحالة المنّ و يسألوه أن يضع سيِّئاتهم ومنکراتهم دائماً تحت أعينهم حتّي يتوبوا ويستغفروا ويستدرکوا. واستصغار الطّاعة ليس حالة تواضعيّة فقط. بل إنّا الإنسان المُطيع لو قارنَ نفسه بأهل الطّاعة من الأنبياء والأوصياء والأولياء والعلماء، لرأي أنّ أعماله في قِبال أعمالهم قطرات في بحر. کما أنّ استعظام الذّنب ليس مبالغة أو تضخيماً للجرم، بل لأنّ المُحبّ الحقيقيّ لاينظر إلي مَن عصي فيستعظم جرمه وجرأته ووقاحته وتعدِّيه، وهذا المنحني التّربويّ يساعد علي الارتقاء في درجات الحُبّ.
عدم اجتماع حُبيّن مّتنقاضين في القلب: قال رسول الله (ص):«حُبُّ الدُّنيا وحُبّ اللهِ لا يجتمعان في قلبٍ أبداً». هذا أيضاً مجسّ آخر للإختبار، فحبّ الدّنيا المُراد منه الإستغراق والإنشغال فيها وبها لدرجة نسيان الله والآخرة، والإنصراف عن ذکر الله، والإبتعاد عن المسؤوليات الشّرعيّة المُترتِّبه بذمة کلّ إنسان مکلّف، أمّا طلب الدّنيا للآخرة فهو من الآخرة، وقد ميّز المُحبّون بين الإثنين. يدخل الإمام عليّ (ع) علي صاحبه (عاصم بن زياد) فيري سعة داره، فيقول له: ما تفعل بهذه الدّار وأنتَ إلي سعتها في الآخرة أحوج؟ ثمّ يستدرك (ع) فيقول: ونعم، إذا قريتَ بها الضّيف، ووصلتَ بها الرّحم، وأخرجتَ منها الحقوق، فقد طلبتَ بها الآخرة. وجاء رجل إلي الإمام الصّادق (ع) وقال له بأنه يحبّ الدّنيا، فقال له: کيف؟ فقال: أحبّ أن يوسّع الله عليَّ فأحجَ وأتصدّق وأصل إخواني وأرحامي، فقال له: هذا ليس طلباً للدّنيا بل هو طلب للآخرة. فالتناقض بين حبّ الله وحبّ الدّنيا هو النّاتج عن الحبّ الدّنيوي الّذي يجرّ إلي الأخطاء والخطايا والإستکبار والإغترار والتّعالي والتّفاخر، والاّ فالمُحبّون لله يرفعون قوله تعالي: ( وَابْتَغِ فِيمَا آَتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآَخِرَةَ وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ) (القصص/77)، شعراً للتّوازن في حياتهم.
تحبيب الله تعالي إلي خلقه: أوحي الله تعالي إلي نبيّه موسي (ع) :«أحببني و حبِّبني إلي خلقي. فقال موسي (ع): ياربِّ إنّکَ لتعلم أنّه ليس أحد أحبّ إليّ منکّ، فکيفَ لي بقلوبِ العباد؟ فأوحي الله تعالي إليه: ذَکِّرهُم نِعمَتي و آلائِي، فإنّهم لا يذکرونِ مِني إلّا الخير»! و أوحي سبحانه إلي نبيِّه داود (ع): «أحبِّني وحبِّبني إلي خلقي. قال يا ربّ! نعم أنا آحبّك، فکيفَ أحبِّبك إلي خلقك؟ قال: اذکر أياديَّ ونعمتي عندهم، فإنّك إذا ذکرتَ لهم ذلك أحبّوني».(وأيادي الله: جوده وکرمه وإحسانه وتفضّله وعفوه وصفحه.)
إنّ مهمّة المُحبّ مشترکة: (حبّ) + (تحبيب)، لأنه يحبّ لغيره ما يحبّ لنفسه، فهو يريد للآخرين أن يتذوقوا حلاوة حبّ الله، کما تذوّقه هو، أمّا مساحة الجنة - الّتي عرضها السّماوات و الأرض– فتسعهما بل تسع کلّ المحبّين، لو أنّ أهل الأرض کلّهم جميعاً کانوا من المحبِّين المُطيعين له، لما کانت هناک أزمة سکن في الجنّة.
حبّ ذکر الله تعالي علي کلِّ حال: في الخبر عن رسول الله (ص): «علامة حبّ الله تعالي حبّ ذکر الله» لساناً وقلباً وعملاً وفي المواطن والمواقف کلّها: رخائها وشدّتها، ذلک أنّ من طبيعة المُحبّ أنّه يحلو له أن يتغنّي باسم محبوبه، و أن يذکره ويتذکّره في کلِّ حين،حتّي ليشغل المحبوب أحياناً محبّه فلا يري الحسن والمحاسن إلّا فيه... و هذا في حُبِّ الإنسان للإنسان، والّذين آمنوا أشدُّ حُبّاً لله.
قيام اللّيل: فيما أوحي الله تعالي لموسي (ع): «کذبُ مَن زعم َ أنّه يحبّني، فإذا جنّه اليل نامَ عنِّي، أليسَ کلّ مُحبّ يحبّ خلوة حبيبه؟! ها أنا ذا ابن عمران مُطّلع علي أحبّائي إذا جنّهم اللّيل حوّلتُ أبصارهم من قلوبهم، و مثلتُ عقوبتي بين أعينهم، يُخاطبونني عن المشاهدة، و يُکلِّموني عن الحضور». اللّيالي لخلوات المُحبِّين، و اللّيل عند مَن أحبّ الله و أحبّه الله، أطيبُ و أخصبّ أوقات الِّقاء، لأنّه أطرَد للرِّياء، و أبعَد عن صخب النُهار، و أفتح لأسارير القلب، وأرقي في الدّرجه. يقول تعالي مخاطباً حبيبه النّبيّ (ص): (إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئًا وَأَقْوَمُ قِيلًا * إِنَّ لَكَ فِي اَلنَّهَارِ سَبْحًا طَوِيلًا)(المزمل/6-7). ليلُ المُحبِّين - ولعلّك جرّبتَ ذلك في ليالي شهر رمضان وليالي القدر- حافل بفرحة اللِّقاء بالله ومناجاته واحتضانه لمحبوبه في کلِّ آلامه وآماله.
عيون ساره مـشـرفـه ~
~[ عدد المشاركات [~ : 535 ~[ تاريخ الميلاد [~ : 29/03/1989 ~[ تاريخ التسجيل [~ : 22/04/2011 ~[ العمر[~ : 35
موضوع: رد: دلائل حب الإنسان لله تعالي الإثنين فبراير 20, 2012 11:40 pm